“الاتفاق الأخضر” يتحكم في خريطة إنتاج السيارات في أوروبا
تم النشر في 14 أغسطس 2021بينما نشاهد بعض حكومات دول الاتحاد الأوروبي تنوي حظر استخدام السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي في المستقبل القريب، لا يبدو أن المفوضية الأوروبية مستعدة لهذه الخطوة في الوقت الحالي.
ولكن بالرغم من ذلك فإن الإستراتيجية البيئية والمعروفة بإسم “الاتفاق الأخضر” سيكون لها تأثير واضح على قطاع السيارات في الاتحاد الأوروبي.
ورغم أنه لا يوجد حظر قانوني لسيارات محركات الاحتراق الداخلي، فإن القيود الموضوعة على نسبة الانبعاثات الغازية المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري تعني أن إنتاج السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي في أوروبا سيتلاشى تدريجيا على المدى القريب وامكانية اختفائها تماما على المدى البعيد.
خفض نسبة الانبعاثات الغازية
ذلك وكما تابعنا في وقت سابق من الشهر الحالي فقد قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات بشأن كيفية خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري في الدول الأعضاء بنسبة 55% عن مستوياتها في عام 1990 وذلك بحلول عام 2030.
ومن بين هذه المقترحات عدة قرارات والتي من شأنها تغيير طريقة إنتاج وسير السيارات خلال السنوات القليلة المقبلة.
حيث انه وفقا للقواعد الجديدة، سيكون على دول الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030 التأكد من أن عوادم سيارات الركوب والمركبات التجارية أقل بنسبة 55% عن مستوياتها الحالية.
وبعد ذلك بخمس سنوات فقط، أي في عام 2035 سيتم خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 100% عن مستوياتها الحالية، وهو ما يعني الوصول إلى نسبة صفر من العوادم في كل السيارات الجديدة.
ومن جهته يرى اتحاد صناعة السيارات في ألمانيا أن خفض الانبعاثات الغازية بنسبة 55% بحلول 2030 يتطلب زيادة حصة السيارات الكهربائية من إجمالي السيارات على الطرق في الاتحاد الأوروبي.
ومن المتوقع بنهاية العقد الحالي أن يكون حوالي ثلثي السيارات الجديدة التي يتم تسجيلها داخل الاتحاد الأوروبي كهربائية أو هجينة أو هيدروجينية.
فبالنسبة لألمانيا قد تصل النسبة إلى 100% في حين ستكون في دول أخرى حوالي 50% فقط.
محطات شحن السيارات الكهربائية
وفي الوقت نفسه فإن دول الاتحاد الأوروبي ملزمة بتوسيع شبكة محطات شحن السيارات الكهربائية وكذلك محطات للسيارات الهيدروجينية حيث تكون هناك محطة شحن كهرباء كل 60 كيلومتر، ومحطة هيدروجين كل 150 كيلومتر.
كما تنوي المفوضية الأوروبية تقليص العواقب الضارة للمنافسة بين مختلف الضرائب على الطاقة، ففي ألمانيا على سبيل المثال هناك جدل واسع ومستمر بشأن ما يسمى بامتياز الديزل والذي يمنح الديزل دعما على أساس أنه أقل تلويثا للبيئة مقارنة بالبنزين.
كما أن هناك عواقب بالنسبة لسائقي السيارات وأسعار الوقود أيضا، فمنذ بداية العام الحالي نجد أن فرض ضريبة على ثاني أكسيد الكربون في دول الاتحاد الأوروبي قد أدى إلى ارتفاع سعر الوقود.
ففي ألمانيا رفعت هذه الضريبة سعر الديزل بمقدار 8 سنتات لكل لتر وتم رفع سعر البنزين 7 سنتات لكل لتر.
زيادة الأسعار
وبالتبعية فإن تطبيق مفهوم الاتحاد الأوروبي سيجعل تشغيل سيارات الاحتراق الداخلي أعلى تكلفة وهذا سيتسبب في مشكلة بالنسبة لذوي الدخل المحدود وسكان المناطق الريفية.
ولكن فرانس تيمرمانس نائب رئيس المفوضية الأوروبية اكد على أنه من المقرر تقديم دعم للأسر الأقل دخلا، مع تشجيع الدول على استثمار عائداتها من بيع حصص الانبعاثات الغازية في مشروعات لمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
كما يجب تخفيف ضغوط التكلفة بالنسبة للشركات الصغيرة ومستخدمي وسائل النقل، كما يجب إنشاء صندوق المناخ الاجتماعي لدعم مشروعات النقل صديقة البيئة، ذلك إلى جانب تطبيق قواعد العوادم الجديدة على السيارات الجديدة فقط وإعفاء السيارات القديمة من الالتزام بها.
وقف إنتاج سيارات الاحتراق الداخلي
وهناك شركات سيارات جديدة حددت مدة زمنية لوقف إنتاج سيارات الاحتراق الداخلي.
فعلى سبيل المثال تستهدف شركة أودي إنتاج آخر سيارة تعمل بمحرك احتراق داخلي في عام 2033.
في حين تستهدف فولكس فاجن التي تمتلك أودي وعدد آخر من شركات السيارات وقف إنتاج سيارات الاحتراق الداخلي في أوروبا خلال الفترة من 2033 إلى 2035.
بينما تستهدف بي.إم.دبليو تحقيق نصف مبيعاتها من خلال السيارات الكهربائية تماما بحلول 2030، لكنها لم تحدد موعد لوقف إنتاج سيارات الاحتراق الداخلي بالكامل.
ويقول أوليفر تسيبسه مدير التشغيل في الشركة أن صانع القرار الحقيقي في هذا السياق هو العميل نفسه، مشيراً إلى أن الشركات التي ستتخلى سريعا عن محركات الاحتراق الداخلي سينتهي بها المطاف إلى الدخول في مرحلة انكماش استثماري.
صراع السيطرة
لكن في مفاجأة غير متوقعة نجد أن الأرقام تؤكد أن سيارات الاحتراق الداخلي مازالت هي المسيطرة على الطرق حتى الآن، وذلك بالرغم من الزيادة الكبيرة في عدد السيارات الكهربائية التي تم تسجيلها خاصة منذ أن بدأت بعض الحكومات في تقديم دعم وحوافز لهذه السيارات.
ففي ألمانيا وحتى بداية شهر أبريل الماضي، كان يوجد حوالي 31 مليون سيارة تعمل بالبنزين و15 مليون سيارة تعمل بالديزل وحوالي مليون سيارة تعمل بالغاز الطبيعي، في حين أنه بالكاد كسرت السيارات الكهربائية حاجز المليون سيارة.
ويتوقع الخبراء اختفاء الكثير من الوظائف في شركات صناعة السيارات والورش لأن السيارات الكهربائية أقل تكلفة في الإنتاج والصيانة.
لكن بعض شركات سيارات مثل بي.إم.دبليو ترفض هذا الرأي وتؤكد أن التحول نحو السيارات الكهربائية لن يؤثر على أعداد الوظائف في القطاع ككل.
كما أن دراسة قد أجريت لصالح فولكس فاجن قالت أن عدد الوظائف في قطاع السيارات سيتراجع ولكن ليس بدرجة كبيرة. كما ستنشأ وظائف أخرى في مجال البرمجيات والإلكترونيات المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية.